البيئة مستقبل البيئة في خطر
البيئةمستقبل البيئة في خطر
يبدو أن النظرة نحو الموارد الطبيعية أخذت تتغير منذ أن ظهر التقرير الدولي المعروف بحدود النمو The Limits To Growth. فقد كان الاقتصاديون يديرون شؤون العالم المادية دون اعتبار لاحتمال استنزاف هذه الموارد أو للتأثيرات البيئية. أما الآن فقد صار الاقتصاديون أكثر ميلاً للنظر في ما يقوله علماء طبقات الأرض أو علماء البيئة أو خبراء الصحة ويحاولون الاستفادة من هذه الآراء في تناولهم لقضايا التنمية المستدامة.
لكن التغير في الموارد الطبيعية ومداه، عادة ما يرتبط بعوامل تعتمد على طبيعة هذه الموارد وعلى السلوك البشري إزاء هذه الموارد. لذلك كثيراً ما يكون السلوك الذي يصدر عن الناس مبني على أساس ما هو أكثر أهمية في زمن معين.
حول هذا المفهوم، يقول عادل أحمد جرار في كتابه «البيئة والموارد الطبيعية»؛ من المبادئ التي يهتدي بها الاقتصاديون ويرونها مؤثرة أحياناً لدفع الناس إلى الحد من الإسراف في مورد معين، أن ترتفع كلفته، فارتفاع التكاليف حافز للاقتصاد في استخدام الموارد. كذلك فإن توفير خيارات أخرى، عامل آخر يؤدي إلى النتيجة ذاتها.
وهناك شيء من الصعوبة يرافق البحث عندما يتناول الموارد الطبيعية والبيئة معاً، ويتمثل في الوصول إلى تحديد ما هو مورد طبيعي وما هو جزء من البيئة. فهل تعد الغابة مثلاً مورداً طبيعياً، أم هي جزء من البيئة؟ وهنا نجد أننا كثيراً ما نصنف الغابة في الجانبين. ومثل ذلك أيضاً الجو أو الحقول الزراعية.
أنواع الموارد الطبيعية
والموارد الطبيعية نوعان؛ موارد متجددة وموارد غير متجددة، وهناك حالات من الموارد التي لا يسهل أن تنسب إلى هذا النوع أو ذاك، ومثال ذلك الماء الجوفي، فهو قد يتجدد على نحو بطئ، وقد ينفد بسبب الإسراف، وكذلك الغابات، فمع أنها تتجدد إلاَّ أن ذلك قد يستغرق وقتاً طويلاً، ويصبح مثل هذه الموارد من الناحية العملية غير متجدد.
وفيما يتعلق بالموارد الطبيعية غير المتجددة، ينبغي على من يستغلها أن يوازن بين ما يجنيه من ربح، وما يطرأ من زيادة على تكاليف الإنتاج كلَّما أصبح المورد أكثر فقراً. وباختصار، فإن استغلال أي مورد غير متجدد ينبغي أن يأخذ هذه الأمور بعين الاعتبار، وأن يوازن بين المنافع الآنية والتكاليف المؤجلة.
المحافظة على الموارد الطبيعية
ولا ريب أن أفضل وسيلة للمحافظة على أي مورد طبيعي هو التأكد من انضباط العوامل البيئية التي تتحكم في حياة هذا المورد على نحو قوي، وهذا يعني أن تبقى بيئته الطبيعية ثابتة لا تتعرض لاضطرابات تفسدها. ومع أن الاعتماد على وضع حدود لاستغلال الموارد المتجددة ليس كافياً للوصول إلى وضع مناسب حتى لو كان تطبيق هذه الحدود يتم بكفاءة، إلاَّ أن ترك الأمور دون ضوابط وحدود قد ينتج عنه تفريط الناس في استغلال مورد معين فيهبط إلى حدود يعجز فيها التوالد الطبيعي عن تعويض ما يُفقد.
وربما كان من أبرز الأمثلة المنذرة بالأخطار، الإفراط في استغلال الغابات في البلاد النامية، حيث اعتاد الناس في هذه البلاد على عدم وجود قيود تحول بينهم وبين الغابات، وأخذوا يقطعون الأشجار ويحرقون بقاياها لإخلاء الأرض وإعدادها للزراعة. وقد تفاقم هذا الأمر بسبب الزيادات الهائلة في أعداد السكان، وصار الدمار الذي يحيق بهذا المورد أشد من إمكانية تحمله.
لقد اتضح أن المشكلات البيئية تبرز من ثنايا المشكلات المتعلقة بالموارد الطبيعية، وليس في هذا غرابة، لأن البيئة مجموعة من الموارد، منها مثلاً الهواء الذي يفوق في أهميته كثيراً من الموارد الطبيعية.
وربما كان من المفيد أن نقرن المشكلات بالموارد الطبيعية حين يكون الحديث عن الكمية، وأن نصفها بأنها مشكلة بيئية مرتبطة بسلامة ما يحيط بنا في البر والبحر والجو. وقد يختلط في هذا ما هو فطري، وما كان للإنسان يد في تهيئته.
وفي معالجة المشكلات البيئية ينبغي أولاً تحديد الأهداف المتوخاة، فليس من السهل تقويم المنافع المصاحبة لإجراءات حماية البيئةبالمال، ولذلك فإن الموازنة بين المنافع والتكاليف تظل غير مقنعة لمن يقيسون كل شيء بقيمته النقدية.
إن المشكلات البيئية في الدول النامية أشد حدة وأكثر خطورة منها في الدول الصناعية. فما زال الماء ناقلاً للعدوى في كثير من الأمراض، ويحول الفقر دون الوصول إلى تطبيق المعايير البيئية، لكن لا ينبغي أن يكون الفقر حائلاً دون تنظيف مصادر المياه من جراثيم الأمراض أو حماية التربة من التعرية.